أولاّ :ـ تعريف الاِخلاص .
ـ ذكر ابن القيم عده تعاريف له منها :ـ
ـ (تصفيه الفعل عن ملاحظة المخلوقين )
ـ (ألا تطلب لعملك شاهداّ غير الله، ولامجازياّ سواه )
ـ (نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق)
ـ (التوقي من ملاحظة الخلق حتى عن نفسك)
انظر مدارج السالكين (2/90)
وذكر النووي عدة تعاريف له منها :ـ
(استواء أعمال العبد في الظاهر والباطن).
ـ(الصادق هو الذي لايبالي ولو خرج كل قدر له في قلوب الخلق من أجل صلاح قلبه ولا يحب اطلاع الناس على مثاقيل الذر من حسن عمله ولايكره اطلاع الناس على السيء من عمله فإن كراهته لذلك دليل على أنه يحب الزيادة عندهم وليس هذا من أخلاق الصديقين.) وانظر المدارج 2/289-3/186
ـ(إذا طلبت الله تعالى بالصدق أعطاك مرآه تبصر فيها كل شيء من عجائب الدنيا والآخرة ).
ـ(أن تكون حركته وسكونه في سرة وعلانيته لله تعالى وحدة لا يمازجه شيء لا نفس ولا هوى ولا دنيا) التبيان ص /40ـ41
بسم الله الرحمن الرحيم
" فوائد الإخلاص"
أنه سبب لمغفرة الذنوب والدليل:قصة المرأة الزانية التي سقت الكلب فغفر الله لها "والقصة عند البخاري ومسلم .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في تهذيب مدارج السالكين (188): ( فتأمل ما قام في قلبها من حقائق الأيمان والعبودية في هذه اللحظة فمنها :
(1) أنها لم تعمله ابتغاء الأجر من أحد لأنها تعطي كلباً فلا تنتظر منه جزاء أو شيئاً.
(2) أنه لم يرها أحد إلا الله وهذا يدل عليه ظاهر الحديث.
(3) أنها أتعبت نفسها في سقايتها لهذا الكلب فنزلت في البئر مع أنها امرأة ثم ملئت خفها بالماء وحملته بفيها ثم سقت هذا الكلب الحقير
فتأمل ماقام في قلبها من أسرار الإخلاص فعندما تمت هذه الحقائق في قلبها ( أحرقت أنوار هذا القدر من التوحيد ما تقدم منها من البقاء والزنا فغفر الله لها ).
وقال في ص187: ( وكلما كان توحيد العبد أعظم كانت مغفرة اللع تعالى له أتم فمن لقيه لايشرك به شيئاً ألبته غفر الله له ذنوبه كلها كائنه ما كانت واعلم أن أشعة لا إله إلا الله "تبدد من ضباب الذنوب وغيوبها بقدر قوة ذلك الشعاع وضعفه , فلها نور وتفاوت أهلها في ذلك النور قوة وضعفاً لا يعلمه إلى الله فمن الناس من نور هذه الكلمة في قلبه كالشمس ....ومنهم من نورها في قلبه كالكوكب الدري ....ومنهم كالسراج المضيء ....
ولهذا تظهر الأنوار يوم القيامة بأيمانهم وبين أيديهم على هذا المقدار بحسب ما في قلوبهم من نور هذه الكلمة علماً وعملاً وحالاً وكلما عظم نور هذه الكلمة واشتد "أحرق من الشبهات والشهوات بحسب قوته وشدته حتى إنه ربما وصل إلى حال لا يصادف معها شبهه ولا شهوة ولا ذنباً إلا أحرقه وهذه حال الصادق في التوحيد الذي لم يشرك بالله شيئاً فأي ذنب وأي شهوة دنت من هذا النور أحرقها فسماء إيمانه قد حرست بالنجوم من كل سارق لحسناته )اهـ من تهذيب المدراج وقال ابن رجب في "جامع العلوم" (2/417) : (فإن كمل توحيد العبد وإخلاصه لله، وقام بشروطه كلها بقلبه ولسانه وجوارحه أوجب ذلك مغفرة ماسلف من الذنوب كلها...)اهـ ـ .. وانظر إلى كلام ابن رجب في كتابه, فاِنه مهم وعظيم ـ
..الله أكبر...هذا غيض من فيض من فوائد الإخلاص والصدق مع رب العالمين..
...................
أما الفائدة الثانية.. فهي:ـ
(2) ـ أنه يصرف الفتنه عن القلب .
قال الإمام ابن تيميه (10/601): ( فلا تزول الفتـنة عن القلب إلا إذا كان دين العبد كلّه لله عز وجل ).
فيكون حبّه لله،ولما يحبه الله،وبغضه لله،ولما يبغضه الله...وإذا تعارضت الفتنه والهوى مع مايحبه الله فاإنه يقدّم مايحبه الله على مايهواه...وسبب ذلك لأن قلبه قد ملئ بخشية الله تعالى ومحبته التي تمنعه من الانجذاب إلى ألمحبوبات..) اهـ
واعلم ياأخي أن يوسف عليه السلام مانجى من فتنة المر أه إلا بالإخلاص لله تعالى قال تعالى : (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء اِنه من عبادنا المخلصين. )
قال ابن تيمية (10/602): (فإن قوة إخلاص يوسف عليه السلام وخشيته من الله عز وجل كان أقوى من جمال امرأة العزيز وحسنها وحبه لها000)اهـ
الله أكبر000 إنه القلب الذي باشرت خشيته الله جوانبه 00 ورسخت محبة الله في عروق جذوره 00 إن يوسف عليه السلام لم يلتفت إلى جمال المرأة 00لأن في قلبه شيء أخر 00شيء يغنيه عن هذه المحبة الزائلة00 إنه الإيمان واليقين بالله00
قال ابن تيميه (10/260) (وكلما حقق العبد الإخلاص في قول"لا إله إلا الله" خرج من قلبه تأله ما يهواه وتصرف عنه الذنوب والمعاصي 0 كما قال تعالى } "كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين" {
فعلل صرف السوء والفحشاء عنه بأنه من عباد الله المخلصين، وهؤلاء هم الذين قال الله فيهم: (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان") وقال الشيطان" (فبعزتك لأغوينهم أجمعين ـ إلا عبادك منهم المخلصين")اهـ
وقال ابن القيم في تهذيب مدارج السالكين(377))وإلا فمع كمال الذكر والإقبال على الله والإخلاص له:يستحيل صدور الذنب من العبد كما قال تعالى: (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين00)اهـ
ونحن في هذا الزمن المليء بالفتن نحتاج إلى ما يصرفها عنا00 وقد علمت فيما سبق أن الإخلاص دواء ناجح في ذلك00 فالله الله في الإخلاص يا من يريد الثبات0
..................
(3)ـ أن الإخلاص سبب لتيسير الأمور للعبد فإن العبد كلما كان صادقاً مخلصاً لله في عمله, فإن الله يفتح له من التيسير الشيء العجيب00 سواء كان ذلك الأمر المطلوب علماً00 أو دعوه00 أو أن تنصرف فتنه وقع فيها العبد00 أو غير ذلك
ولعل أحسن ما يستدل به في هذا المقام : حديث الأعرابي الذي جاء للقتال .. الشاهد ـ أنه جاء للنبي صلى الله عليه وسلم وقال له:لم أبايعك على أن آخذ غنيمة، وإنما بايعتك على أن يدخل سهم من هنا ـ وأشار إلى رقبته ـ ويخرج من هنا0 فقال النبي صلى الله عليه وسلم "إن تصدق الله يصدقك" فقاتل الأعرابي وقتل ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى السهم وقع في المكان الذي أشار إليه الأعرابي في رقبته قال( صدق الله فصدقه الله ) والحديث عند الطبراني بسند صحيح (صحيح الجامع رقم3756)
إذن يا من يطلب العلم عليك بالصدق وستجد التيسير0
ويا من يريد إصلاح قلبه عليك بالصدق وسترى ما يسر 0
يا من يريد دعوة الناس عليك بالصدق وستجد القبول والتوفيق 00
يا من يريد الجهاد عليك بالإخلاص وستجد النصر أو الشهادة بمشيئة العزيز الحميد.
..........
(4)ـ أنه به تكمل تكمل العبودية لله تعالى.
قال الإمام ابن تيمية(10/198) : (وكلما قوي إخلاص العبد كملت عبوديته 00)اهـ
لأن بالإخلاص تقبل الأعمال وترفع إلى الله0 وكلما قبل العمل ارتفعت المنزلة والدرجة عند الله تعالى لذلك العبد ، ولهذا كان من أبرز صفات المقربين والسابقين عند الله هو "إخلاصهم لله"فبالإخلاص ارتفعوا عن الناس وأصبحوا في أعالي عليين000
والله المستعان0
..........
(5)ـ أنه سبب لا ستغناء القلب عن الناس0
قال الإمام ابن تيميه (10/198)(ولن يستغني القلب عن جميع المخلوقات إلا بأن يكون الله هو مولاه الذي لا يعبد ألا إياه،ولا يستعين إلا به،ولا يحب إلا له ولا يبغض إلا له00)اهـ
فيا أخي نحن نحتاج إلى أن نستغني عن الناس ونعلق القلوب بالله تعالى000 وهاهو الإخلاص أكبر معين على ذلك000 فعليك به رعاك الله00
..............
(6)ـ أنه سبب لمضاعفة الحسنات0 والدليل: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف00)رواه البخاري(6491) قال ابن رجب في جامع العلوم (2/316) :
(ومضاعفة الأجر بحسب كمال الإسلام ، وبكمال وقوة الإخلاص في ذلك العمل0)اهـ
ولعل ما رواه أبي رضي الله تعالى عنه ـ يكون أصرح وأبلغ في المراد ـ قال : قال رسول الله عليه السلام : (صلاة الرجل تطوعاَ حيث لا يراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس بخمس وعشرين درجه"رواه ابن ماجة ،وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم3822ـ
فانظر 00 كيف كان إخفاء النافلة عن الناس له هذا الأجر العظيم ألا يدل ذلك فضل الإخلاص , وأن الله يحب المخلصين00؟
................
(7)ـ أنه كلما كان الإنسان صادقاً ومخلصاً في أقوله وأعماله الظاهرة والباطنة فإن ذلك يبلغه منزلة"الصديقية"كما قال النبي صلي الله عليه وسلم :فإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق ، حتى يكتب عند الله صديقاً"رواه البخاري (10/423)ومسلم رقم (2606)
قال ابن القيم في المدارج (والصدق في الأحوال هو :استواء أعمال العبد ظاهراً وباطناً على الإخلاص، واستفراغ الوسع فيها وبذل الطاقة , فبذلك يكون العبد من الذين جاؤا بالصدق ،وبحسب كمال هذه الأمور فيه وقيامه بها :تكون صديقيته ، فأعلى مراتب الصدق مرتبة "الصديقيه" وهي : كمال الانقياد للرسول صلى الله عليه وسلم من كمال الإخلاص لله تعالى"إهـ
إنها المنزلة العظيمة 000"الصديقيه" 00 التي تدل على امتلاء قلب صاحبها بالإخلاص لله تعالى000 ومتى يصل المرء إلى أن يكون "صديقاً"عند الله 0إلا بمجاهدة النفس على ذلك 000والصبر 000 يالها من منزله 00هنيئاً أي والله هنيئاً000 لصاحبها
..............
( أن الإخلاص من أعظم الأسباب الجالبة لمحبة الله تعالى , لأن العمل إذا كان بعيداً عن الناس فإن ذلك يدل على شدة محبة الله تعالى ,لأن كراهية اطلاع الناس على العمل هو حال المخلصين الذين يحرصون على صفاء عظم محبة الله في قلوبهم عند ربهم , ولم يدفعهم إلى ذلك إلا عظم محبة الله في قلوبهم000 فهم يريدون الزيادة منها حتى تنغمر قلوبهم في بحر الإيمان000
.............
(9)ـ أنه سبب لا نفتاح القلب وتذكره للآخرة ومراقبته لله 0قال الإمام مالك: (من أراد أن يفتح الله له فرجه في قلبه وصلاحاً ،فليكن عمله بالسر أكثر منه في العلانية0)أهـ كتاب (الإمام مالك)ص320.
........
(10) ـ أنه سبب لقبول الدعاء ، والدليل على ذلك :قصة الثلاثة الذين دخلوا الغار, وفيها أنهم قالوا :اللهم إن كنا فعلنا ذلك ابتغاء وجهك ،فافرج عنا ما نحن فيه 00ففرج الله عنهم" والقصة معروفه وهي عند البخاري ومسلم
"ما هو السبيل إلى الإخلاص"
ـ معرفة الله عز وجل حقيقة المعرفة ، واستيلاء محبته على القلب ، فإن القلب إذا باشر حلاوة الإخلاص لله ومحبته وذاق حلاوة ذلك جعله يتعلق بهذا الإله العظيم الذي يستحق أن تبذل من أجل مرضاته الأرواح ، فمعرفة الله بأسماءه وصفاته والتعّبد لله بها هو أعظم دافع للإقبال على هذا الرب الكريم0
فإذا تمكنت معرفة الله في قلبك جعلتك تخلص في عملك وتفرح بالعمل الذي لم يطلع عليه أحد إلا الله فرحاً إيماناً نابعاً من قرارة القلب ، لا الفرح الذي هو العجب00
معرفة فضل الإخلاص 00 والمخلصين0 ومالهم عند الله تعالى من المنزلة العالية00
التربية على الزهد في الدنيا , فإن من عرف حقارة الدنيا , عرف أنها لا تستحق أن يقصدها بعمل من أعمال الآخرة .
القراءة في سير أهل الإخلاص من الأنبياء والصحابة والتابعين, فإن سيرهم تدل على شدة اعتناءهم بالإخلاص اهتماماَ عجيباً.
مصاحبة من يدلك ظاهره على الإخلاص ، لأن القرين بالمقارن يقتدي ، وهذا الأمر معين في هذا الزمان الذي اشتدت غربته .
الصبر و المصابرة 00 والمرابطة00 واعلم بـ( "إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين").
ـ ذكر ابن القيم عده تعاريف له منها :ـ
ـ (تصفيه الفعل عن ملاحظة المخلوقين )
ـ (ألا تطلب لعملك شاهداّ غير الله، ولامجازياّ سواه )
ـ (نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق)
ـ (التوقي من ملاحظة الخلق حتى عن نفسك)
انظر مدارج السالكين (2/90)
وذكر النووي عدة تعاريف له منها :ـ
(استواء أعمال العبد في الظاهر والباطن).
ـ(الصادق هو الذي لايبالي ولو خرج كل قدر له في قلوب الخلق من أجل صلاح قلبه ولا يحب اطلاع الناس على مثاقيل الذر من حسن عمله ولايكره اطلاع الناس على السيء من عمله فإن كراهته لذلك دليل على أنه يحب الزيادة عندهم وليس هذا من أخلاق الصديقين.) وانظر المدارج 2/289-3/186
ـ(إذا طلبت الله تعالى بالصدق أعطاك مرآه تبصر فيها كل شيء من عجائب الدنيا والآخرة ).
ـ(أن تكون حركته وسكونه في سرة وعلانيته لله تعالى وحدة لا يمازجه شيء لا نفس ولا هوى ولا دنيا) التبيان ص /40ـ41
بسم الله الرحمن الرحيم
" فوائد الإخلاص"
أنه سبب لمغفرة الذنوب والدليل:قصة المرأة الزانية التي سقت الكلب فغفر الله لها "والقصة عند البخاري ومسلم .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في تهذيب مدارج السالكين (188): ( فتأمل ما قام في قلبها من حقائق الأيمان والعبودية في هذه اللحظة فمنها :
(1) أنها لم تعمله ابتغاء الأجر من أحد لأنها تعطي كلباً فلا تنتظر منه جزاء أو شيئاً.
(2) أنه لم يرها أحد إلا الله وهذا يدل عليه ظاهر الحديث.
(3) أنها أتعبت نفسها في سقايتها لهذا الكلب فنزلت في البئر مع أنها امرأة ثم ملئت خفها بالماء وحملته بفيها ثم سقت هذا الكلب الحقير
فتأمل ماقام في قلبها من أسرار الإخلاص فعندما تمت هذه الحقائق في قلبها ( أحرقت أنوار هذا القدر من التوحيد ما تقدم منها من البقاء والزنا فغفر الله لها ).
وقال في ص187: ( وكلما كان توحيد العبد أعظم كانت مغفرة اللع تعالى له أتم فمن لقيه لايشرك به شيئاً ألبته غفر الله له ذنوبه كلها كائنه ما كانت واعلم أن أشعة لا إله إلا الله "تبدد من ضباب الذنوب وغيوبها بقدر قوة ذلك الشعاع وضعفه , فلها نور وتفاوت أهلها في ذلك النور قوة وضعفاً لا يعلمه إلى الله فمن الناس من نور هذه الكلمة في قلبه كالشمس ....ومنهم من نورها في قلبه كالكوكب الدري ....ومنهم كالسراج المضيء ....
ولهذا تظهر الأنوار يوم القيامة بأيمانهم وبين أيديهم على هذا المقدار بحسب ما في قلوبهم من نور هذه الكلمة علماً وعملاً وحالاً وكلما عظم نور هذه الكلمة واشتد "أحرق من الشبهات والشهوات بحسب قوته وشدته حتى إنه ربما وصل إلى حال لا يصادف معها شبهه ولا شهوة ولا ذنباً إلا أحرقه وهذه حال الصادق في التوحيد الذي لم يشرك بالله شيئاً فأي ذنب وأي شهوة دنت من هذا النور أحرقها فسماء إيمانه قد حرست بالنجوم من كل سارق لحسناته )اهـ من تهذيب المدراج وقال ابن رجب في "جامع العلوم" (2/417) : (فإن كمل توحيد العبد وإخلاصه لله، وقام بشروطه كلها بقلبه ولسانه وجوارحه أوجب ذلك مغفرة ماسلف من الذنوب كلها...)اهـ ـ .. وانظر إلى كلام ابن رجب في كتابه, فاِنه مهم وعظيم ـ
..الله أكبر...هذا غيض من فيض من فوائد الإخلاص والصدق مع رب العالمين..
...................
أما الفائدة الثانية.. فهي:ـ
(2) ـ أنه يصرف الفتنه عن القلب .
قال الإمام ابن تيميه (10/601): ( فلا تزول الفتـنة عن القلب إلا إذا كان دين العبد كلّه لله عز وجل ).
فيكون حبّه لله،ولما يحبه الله،وبغضه لله،ولما يبغضه الله...وإذا تعارضت الفتنه والهوى مع مايحبه الله فاإنه يقدّم مايحبه الله على مايهواه...وسبب ذلك لأن قلبه قد ملئ بخشية الله تعالى ومحبته التي تمنعه من الانجذاب إلى ألمحبوبات..) اهـ
واعلم ياأخي أن يوسف عليه السلام مانجى من فتنة المر أه إلا بالإخلاص لله تعالى قال تعالى : (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء اِنه من عبادنا المخلصين. )
قال ابن تيمية (10/602): (فإن قوة إخلاص يوسف عليه السلام وخشيته من الله عز وجل كان أقوى من جمال امرأة العزيز وحسنها وحبه لها000)اهـ
الله أكبر000 إنه القلب الذي باشرت خشيته الله جوانبه 00 ورسخت محبة الله في عروق جذوره 00 إن يوسف عليه السلام لم يلتفت إلى جمال المرأة 00لأن في قلبه شيء أخر 00شيء يغنيه عن هذه المحبة الزائلة00 إنه الإيمان واليقين بالله00
قال ابن تيميه (10/260) (وكلما حقق العبد الإخلاص في قول"لا إله إلا الله" خرج من قلبه تأله ما يهواه وتصرف عنه الذنوب والمعاصي 0 كما قال تعالى } "كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين" {
فعلل صرف السوء والفحشاء عنه بأنه من عباد الله المخلصين، وهؤلاء هم الذين قال الله فيهم: (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان") وقال الشيطان" (فبعزتك لأغوينهم أجمعين ـ إلا عبادك منهم المخلصين")اهـ
وقال ابن القيم في تهذيب مدارج السالكين(377))وإلا فمع كمال الذكر والإقبال على الله والإخلاص له:يستحيل صدور الذنب من العبد كما قال تعالى: (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين00)اهـ
ونحن في هذا الزمن المليء بالفتن نحتاج إلى ما يصرفها عنا00 وقد علمت فيما سبق أن الإخلاص دواء ناجح في ذلك00 فالله الله في الإخلاص يا من يريد الثبات0
..................
(3)ـ أن الإخلاص سبب لتيسير الأمور للعبد فإن العبد كلما كان صادقاً مخلصاً لله في عمله, فإن الله يفتح له من التيسير الشيء العجيب00 سواء كان ذلك الأمر المطلوب علماً00 أو دعوه00 أو أن تنصرف فتنه وقع فيها العبد00 أو غير ذلك
ولعل أحسن ما يستدل به في هذا المقام : حديث الأعرابي الذي جاء للقتال .. الشاهد ـ أنه جاء للنبي صلى الله عليه وسلم وقال له:لم أبايعك على أن آخذ غنيمة، وإنما بايعتك على أن يدخل سهم من هنا ـ وأشار إلى رقبته ـ ويخرج من هنا0 فقال النبي صلى الله عليه وسلم "إن تصدق الله يصدقك" فقاتل الأعرابي وقتل ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى السهم وقع في المكان الذي أشار إليه الأعرابي في رقبته قال( صدق الله فصدقه الله ) والحديث عند الطبراني بسند صحيح (صحيح الجامع رقم3756)
إذن يا من يطلب العلم عليك بالصدق وستجد التيسير0
ويا من يريد إصلاح قلبه عليك بالصدق وسترى ما يسر 0
يا من يريد دعوة الناس عليك بالصدق وستجد القبول والتوفيق 00
يا من يريد الجهاد عليك بالإخلاص وستجد النصر أو الشهادة بمشيئة العزيز الحميد.
..........
(4)ـ أنه به تكمل تكمل العبودية لله تعالى.
قال الإمام ابن تيمية(10/198) : (وكلما قوي إخلاص العبد كملت عبوديته 00)اهـ
لأن بالإخلاص تقبل الأعمال وترفع إلى الله0 وكلما قبل العمل ارتفعت المنزلة والدرجة عند الله تعالى لذلك العبد ، ولهذا كان من أبرز صفات المقربين والسابقين عند الله هو "إخلاصهم لله"فبالإخلاص ارتفعوا عن الناس وأصبحوا في أعالي عليين000
والله المستعان0
..........
(5)ـ أنه سبب لا ستغناء القلب عن الناس0
قال الإمام ابن تيميه (10/198)(ولن يستغني القلب عن جميع المخلوقات إلا بأن يكون الله هو مولاه الذي لا يعبد ألا إياه،ولا يستعين إلا به،ولا يحب إلا له ولا يبغض إلا له00)اهـ
فيا أخي نحن نحتاج إلى أن نستغني عن الناس ونعلق القلوب بالله تعالى000 وهاهو الإخلاص أكبر معين على ذلك000 فعليك به رعاك الله00
..............
(6)ـ أنه سبب لمضاعفة الحسنات0 والدليل: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف00)رواه البخاري(6491) قال ابن رجب في جامع العلوم (2/316) :
(ومضاعفة الأجر بحسب كمال الإسلام ، وبكمال وقوة الإخلاص في ذلك العمل0)اهـ
ولعل ما رواه أبي رضي الله تعالى عنه ـ يكون أصرح وأبلغ في المراد ـ قال : قال رسول الله عليه السلام : (صلاة الرجل تطوعاَ حيث لا يراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس بخمس وعشرين درجه"رواه ابن ماجة ،وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم3822ـ
فانظر 00 كيف كان إخفاء النافلة عن الناس له هذا الأجر العظيم ألا يدل ذلك فضل الإخلاص , وأن الله يحب المخلصين00؟
................
(7)ـ أنه كلما كان الإنسان صادقاً ومخلصاً في أقوله وأعماله الظاهرة والباطنة فإن ذلك يبلغه منزلة"الصديقية"كما قال النبي صلي الله عليه وسلم :فإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق ، حتى يكتب عند الله صديقاً"رواه البخاري (10/423)ومسلم رقم (2606)
قال ابن القيم في المدارج (والصدق في الأحوال هو :استواء أعمال العبد ظاهراً وباطناً على الإخلاص، واستفراغ الوسع فيها وبذل الطاقة , فبذلك يكون العبد من الذين جاؤا بالصدق ،وبحسب كمال هذه الأمور فيه وقيامه بها :تكون صديقيته ، فأعلى مراتب الصدق مرتبة "الصديقيه" وهي : كمال الانقياد للرسول صلى الله عليه وسلم من كمال الإخلاص لله تعالى"إهـ
إنها المنزلة العظيمة 000"الصديقيه" 00 التي تدل على امتلاء قلب صاحبها بالإخلاص لله تعالى000 ومتى يصل المرء إلى أن يكون "صديقاً"عند الله 0إلا بمجاهدة النفس على ذلك 000والصبر 000 يالها من منزله 00هنيئاً أي والله هنيئاً000 لصاحبها
..............
( أن الإخلاص من أعظم الأسباب الجالبة لمحبة الله تعالى , لأن العمل إذا كان بعيداً عن الناس فإن ذلك يدل على شدة محبة الله تعالى ,لأن كراهية اطلاع الناس على العمل هو حال المخلصين الذين يحرصون على صفاء عظم محبة الله في قلوبهم عند ربهم , ولم يدفعهم إلى ذلك إلا عظم محبة الله في قلوبهم000 فهم يريدون الزيادة منها حتى تنغمر قلوبهم في بحر الإيمان000
.............
(9)ـ أنه سبب لا نفتاح القلب وتذكره للآخرة ومراقبته لله 0قال الإمام مالك: (من أراد أن يفتح الله له فرجه في قلبه وصلاحاً ،فليكن عمله بالسر أكثر منه في العلانية0)أهـ كتاب (الإمام مالك)ص320.
........
(10) ـ أنه سبب لقبول الدعاء ، والدليل على ذلك :قصة الثلاثة الذين دخلوا الغار, وفيها أنهم قالوا :اللهم إن كنا فعلنا ذلك ابتغاء وجهك ،فافرج عنا ما نحن فيه 00ففرج الله عنهم" والقصة معروفه وهي عند البخاري ومسلم
"ما هو السبيل إلى الإخلاص"
ـ معرفة الله عز وجل حقيقة المعرفة ، واستيلاء محبته على القلب ، فإن القلب إذا باشر حلاوة الإخلاص لله ومحبته وذاق حلاوة ذلك جعله يتعلق بهذا الإله العظيم الذي يستحق أن تبذل من أجل مرضاته الأرواح ، فمعرفة الله بأسماءه وصفاته والتعّبد لله بها هو أعظم دافع للإقبال على هذا الرب الكريم0
فإذا تمكنت معرفة الله في قلبك جعلتك تخلص في عملك وتفرح بالعمل الذي لم يطلع عليه أحد إلا الله فرحاً إيماناً نابعاً من قرارة القلب ، لا الفرح الذي هو العجب00
معرفة فضل الإخلاص 00 والمخلصين0 ومالهم عند الله تعالى من المنزلة العالية00
التربية على الزهد في الدنيا , فإن من عرف حقارة الدنيا , عرف أنها لا تستحق أن يقصدها بعمل من أعمال الآخرة .
القراءة في سير أهل الإخلاص من الأنبياء والصحابة والتابعين, فإن سيرهم تدل على شدة اعتناءهم بالإخلاص اهتماماَ عجيباً.
مصاحبة من يدلك ظاهره على الإخلاص ، لأن القرين بالمقارن يقتدي ، وهذا الأمر معين في هذا الزمان الذي اشتدت غربته .
الصبر و المصابرة 00 والمرابطة00 واعلم بـ( "إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين").